لم الشخصيات الشريرة مثيرة للاهتمام؟


بسم الله الرحمن الرحيم

تحية طيبة، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

إجازة سعيدة يا سادة، وأيامٌ عمل مباركة لمن لا يملكها.

ما رأيكم وأنا ألتزم بخطة تدوينة شهريًا؟ –الرجاء تجاهل أني انتظرت حتى آخر يوم في الشهر-

موضوع اليوم كان يدور في عقلي حقيقةُ بعد مقابلتي لشخصية ما، لئيمة نوعًا ما في تصرفها من الآخرين. وحقيقةً كنت أتعجب في أسلوبها السيء أحيانًا في التعامل مع الآخرين، في ذات الوقت كانت تملك شيئًا ما في شخصيتها يجعل الآخرين يضحكون على نُكاتها وعلى ردة أفعالها المثيرة للاهتمام والمضحكة لأصدقكم القول. حتى أن البعض يولي تلك الشخصية الاهتمام الأكبر مقارنةً بنظيرتها الطيبة المتعاونة. وهُنا خطر ببالي سؤال شائك؛ لم الشخصية الشريرة مثيرة للاهتمام؟

بس عشان يكون المقصد بالفكرة واضح؛ الشخصيات مثيرة للاهتمام لا تعني اننا ندعمها أو نصرح بحبنا لشخصيتها، ولكن فيه شيء صغير داخلنا يقول إنها ممتعة لسبب ما. ومجددًا أوضح؛ ليست الأفعال المؤذية للآخرين أو التي تمس الآخرين بأذى. بمعنى؛ الشخصية اللئيمة تجذب الانتباه، وليس الحُب!

ربما يكون الموضوع أكثر وضوحًا في الشخصيات التلفزيونية. الشخصية اللئيمة عادةً لها طابع مميز يخلينا أحيانًا نفضلها “كشخصية” على شخصية بطل القصة الطيب المسالم. وربما يجعلكم تستوعبون الفكرة بشكل أكثر أريحية كوني سأتكلم عن شخصيات “غير حقيقي”. لأن أخلاقياتنا التي تربينا عليها قد تكون حاجزًا أمام “هضم” هذه الفكرة “الشائكة”؛ أنا أحب أشرار؟ مين قال! 

image

كمثال شخصية House، جرو، و الجوكر *رغم انها ما شفت بات مان وما أعرف شخصيته لكن أعرف انه مثير للاهتمام*، وغيرهم –لو عندكم في بالكم شخصيات خبروني مخي الصغير ما يتذكر-. لهم جو خاص فيهم، رغم أنهم شخصيات لئيمة لكنها ممتعة لسبب ما.

https://i0.wp.com/cdn.elegantthemes.com/blog/wp-content/uploads/2015/01/Feature-Image-Most-Popular-Posts-2015.gif

 في البداية دعونا نفهم كيف يجذبنا الآخرون؟

1\ هرم الانجذاب

image

بعض النظريات تقول أن انجذاب الأشخاص لبعض يعزو إلى هرم الانجذاب. هذا الهرم قاعدته “الصحة، والحالة العامة للشخص”، يتلو القاعدة؛ العاطفة أو المشاعر. وأخيرًا المنطق.

بالنسبة للقاعدة/ الصحة يُقصد بها: صحة الشخص العامة، فالناس ينجذبون عادةً للأشخاص الأصحاء مقارنة بالمرضى. أما الحالة العامة للشخص فتنقسم إلى قسمين أحدهم داخلي، وآخر خارجي. الداخلي يعني صفات الشخص الداخلية مثل؛ المهارات التي يتقنها، معتقداته، وغالبًا: الثقة بالنفس. أما الخارجي؛ فوظيفة الشخص، مظهره، وممتلكاته المادية.

أما بالنسبة للعاطفة والمشاعر/ الموضوع هُنا لا يتعلق بالحُب والشغف. بل ببعض العناصر الأساسية التي تثير مشاعرنا فيه مثل: الثقة والأريحية، التميّز والتفرد عن الآخرين، وأخيرًا الغموض. فالشخص المميز عن الآخرين، الذي يشعرهم بالراحة بوجوده، والذي لا يعتبر كالصحيفة المقروءة للكل، يجذب الناس أكثر من غيره.

وفي رأس الهرم المنطق/ هُنا يعمل الدماغ في تحليل احتياجنا وفائدتنا من التقرب من هذا الشخص. هل بيفيدنا التقرب منه؟ باختصار يزن الايجابيات والسلبيات، المدى القريب والبعيد من العلاقة.

2\ التشابه والاختلاف

image

فكرتين أساسيتين يبرزون في تفسير علاقات الناس ببعض

أولها: أننا نعمد إلى الانجذاب للناس الذين يشبهوننا. يشبهوننا في البيئة، في القيم، في العادات، في طريقة التفكير، وغيرها.

ثانيها: يعاكسها. نحن ننجذب للناس الذين يعاكسوننا (يعني يخالفونا مش يغازلون يا جماعة ركزوا). فالأضداد تتشابه كما يقولون في علم الفيزياء والكيمياء “غمزة لزهراء”. طيب لم؟ موضوع التشابه مفهوم، لكن الاختلاف؟ يقولون؛ أن الأفراد ينجذبون للشخصيات التي تعوض لها ما ينقصها، أو تنسيها إياه. بمعنى أن الشخص ضعيف الشخصية، يعجب بذاك الشخص ذو الشخصية القوية، وقد يتقرب منه، ليكسب منه ذلك أو ليحامي عنه، وبذلك يعوض نقصه.

 

3\ الشخصية

https://uxmag.com/sites/default/files/styles/632x307/adaptive-image/public/article-images/online-personality-types-banner.jpg?itok=YG82i8hU

طبعًا وطبعًا الشخصية تلعب الدور الأهم والأكبر. بكل مكوناتها ومكنوناتها هي من تجعلنا نعجب بآخرين أو ننشد اتجاههم.

 

والآن ماذا عن الشخصيات الشريرة\اللئيمة؟

house1

لو  استخدمنا النظرية الأولى وهي “هرم الانجذاب”،  سنجد الشخصيات الشريرة عادةً قوية شخصية، واثقة بنفسها وتعرف هدفها الذي تصبو إليه “القاعدة”. كما يحققون التفرد والتميز الذي يعد عنصر مهم في العاطفة والشخصية. فهم مختلفون عمن حولهم. وفي الحياة الواقعية قد “يسايرها البعض” من أجل المصلحة لو كان الشخص في مصدر قوة.

أما بالنسبة للتشابه والاختلاف؛ فلربما سنحب اختيار الاختلاف على التشابه في تفسير الموضوع. رغم ان أصل طبيعة الانسان محل خلاف كبير بين العلماء والفلاسفة. فدعونا نترك هذه النقطة حاليًا.

الشخصية؛ فالشخصيات الشريرة في الأفلام والبرامج عادةً تملك حس فكاهي عالٍ جدًا بالإضافة لثقتها بنفسها. ونحن عادةً نحب الأشخاص خفيفين الظل، وننجذب لمن يجعلنا نضحك. لماذا؟ اقرأوا تدوينتي هنا ولربما تفهمون الموضوع أكثر: “عند القاءك لخطابٍ ما، أخبرهم بنكتة”

وأعتقد شخصيًا أن أبرز ما يجعلنا نتمسك بالشخصيات اللئيمة في الأفلام –بالإضافة لحسها الفكاهي وثقتها بنفسها وهما عاملان اعتقد جدًا بأهميتهما-؛ أن الشخصيات الطيبة مملة.فغالبًا ما تمشي على الخطوط وتبقى بداخل الصندوق حتى تظهر تلك الشخصية لتحرك القصة. هل تابعتم يومًا فيلمًا ممتعًا جميع أبطاله طيبون؟ الشخصيات الطيبة غير ممتعة ومتوقعة بعكس تلك الشريرة والتي تبهرنا بحدةٍ ذكاءها وخروجها عن المألوف. هذه الشخصيات لا تلتزم بالقوانين لذلك تستطيع القيام بكل ما يحد الشخصية الطيبة ويمنعها من القيام به. 

 

image

هُنا نهاية التدوينة، كل هذه الأمور قد تصيب وقد تخطئ، حقيقةً بعد بحث طويل جدًا وقراءة مقالات كثيرة، ما زلت أحس في أمر ما وصلت له. أكو حلقة مفقودة. أخبروني أنتم ما رأيكم في الموضوع؟ تتفقون؟ تعارضون؟ اتركوا لي تعليقاتكم بالأسفل، سأستمتع بالنقاش.

 

حُييتم.

 

 

 

 

 

 

 

 

12 رأيا حول “لم الشخصيات الشريرة مثيرة للاهتمام؟

  1. Haitham Al-Sheeshany 1 جوان 2016 / 12:00 مساءً

    يعطيك العافية يا بيان. تدوينة متعوب عليها -كعهدك-
    أظن هناك عوامل كثيرة ومتداخلة للأسباب التي تجعلنا ننجذب لشخصية الشخص الشرير. كل رأي أو نظرية يحاول إبراز الأسباب التي تجعل من مفسِّراته الأكثر إقناعاً + شمولية في تفسير هذه الظاهرة الإنسانية (أخالها إنسانية ولا تنسحب على عالم الحيوانات أو الطيور.. !) :)

    هناك رأي يقول بأننا نحنّ لواحد من غرائزنا الأكثر بدائية والأكثر إعطاء للشعور باللذة ألا وهي غريزة الأنانية. لا أقول أني نتفق بالكلية مع هذا الرأي ولكن لو نظرنا لسلوك الأطفال من قبل حتى ان يتأثروا بطباع محيطهم الأسري أو الأبوي وما شابه لرأينا دلائل (قوية) على أن الأنانية سلوك فطري وأن عكسها هو المكتسب!

    على كل ما يهمنا هو -برأيي- فهم الانجذاب ومن ثم محاولة تفكيكه لأنه ببساطة غير سوي بل وحتى خطير حتى على مستوى فردي أو قصير الأمد. الانعكاسات ليست بسيطة للتهاون مع شكل وحدة الانجذاب نحو الشرير! :)

    * لا أعلم الدكتور (هاوس) ولم أتابع البرنامج ولكن كثيرًا ما كنت أرى تعليقات على شبكات التواصل وهو يحط من رأي شخص ما أو يهاذر لدرجة إسفافية من دكوع شخص آخر … يا للشر! :]
    ** هل لاحظت أن أمثلتك خلت من شريرة؟ همممممممممممم! *اعتراض!*

    أتمنى أن تحافظي على النسق والهمة، حتى لو كانت التدوينة القادمة بآخر حزيران :)

    نستمتع ونستفيد من كتاباتك

    • بيان علي 8 جوان 2016 / 12:41 صباحًا

      استاذ هيثم حيَّاك الله، يسعدني تعليقك واللهِ
      فعلًا الموضوع جدًا متشعب، وموضوع هل الأصل فينا الخير أم الشر عميق جدًا.
      وذكرك أنه مهم لخطورته يذكرني بالتجربة النفسية التي أقام فيها العلماء سجنًا ووضعوا فيه سجناء وسجانين وكلهم كانوا “ممثلين”. لذلك أعتقد أن الاعلام يلعب دورًا هامًا في بناء شخصية الانسان وميوله ” مثلًا جعل الشخصية الشريرة ذكية وظريفة”

      شكرًا لكَ لردك المثري حقيقةً، ويسرني أن اقرأ هكذا تشجيع *يعطيني العذر لكي أتلكع XD”
      شهرك مبارك :)

      • Haitham Al-Sheeshany 8 جوان 2016 / 11:52 صباحًا

        بالنتظار المزيد
        وشكرًا لردك :)

        رمضان كريم

  2. توت 5 جوان 2016 / 2:18 مساءً

    طاب مساؤك… استمتعت بتدوينتك
    ارى أننا ننجذب لهم لأننا نرى الجانب الاخر منا فيهم…
    مودتي

    • بيان علي 8 جوان 2016 / 12:43 صباحًا

      مساؤكِ أطيب وأزكى،
      شكرًا جدًا، سعيدة بردكِ ومشاركتك.
      شهركِ مبارك :)

  3. Alhanouf MK 8 جوان 2016 / 4:26 صباحًا

    صباحك / مساؤك جمال
    – حسب توقيتك – 😊

    قبل كل شيء | أحب أن أهنئني بأول تنبيه يصلني لبوح حرفك الراقي والممتع ” فالابداع ” ليس غريبا عليك 👍

    أعتقد بأن انجذابنا لهذه الشخصيات هو ذلك الشر المضمور بدواخلنا والمحارب من الخير ، فنرى فيهم ما نود فعلهإن أتيحت لنا الفرصة !
    هم مثيرون للجدل والجاذبية لدهاء ما يصنعون وتفرد ما يقدمون وعجزنا عما يقدرون.

    * ستريني ثرثرتي في صفحاتك كثيرا 🙏 استعدي *

    دمتي بخير 💐

    • بيان علي 13 جوان 2016 / 8:52 مساءً

      حبة عيني الهنوف ♥
      يا ليتك موجودة الآن وتشوفين حجم ابتسامتي “من الأذن للأذن” منذ رأيت اسمك وحتى آخر سطر في الرد ♥♥
      سعيدة جدًا وجدًا بردك ووجودك، وبالعكس أنتظر تعليقاتك دائمًا.
      شكرًا لإضافتك، وأهلاً بكِ دائمًا ♥

  4. molta7ad 13 جوان 2016 / 6:33 صباحًا

    قريت تدوينتك من أسبوع تقريبا، وما أبالغ لو قلت كل يوم تجي برأسي وأفكر فيها، مالقيت جواب مرتب نهائي، لكن بقولك أفكاري المو مرتبة:
    – لفظ شرير أحسه مخادع، يعني مافي شخص شرير ١٠٠٪ ولا طيب ١٠٠٪، لكن حاولت أستبدل الكلمة بشيء مالقيت خيارات.
    – أنا أشوف إني أحب الجوكر لأنه يضحّك لكن ما احبه لأنه (غير مهتم بالناس، يحب الفوضى، يقتل الناس)، أحب هاوس لأنه ذكي، سريع بديهة، مطلع، واثق (ما أحبه لأنه قليل أدب، يهين الناس، يستهتر بحياة المرضى)، فنرجع لسؤالك هل نحب الأشرار؟ لا، نحب صفات معينة فيها ممكن تكون بالطيبين *المفروض ما استخدم هالكلمة ههه*، لو في إنسان ماشي عالصراط المستقيم وظريف بحبه، لو هو سريع بديهة بحبه.
    – مثلا هاوس لأنه غير مهتم بالمرضى، يعفيه من ضغط المسؤولية وإنه يكون حذِر، فتكون عنده الجرأة لتحربة أشياء جديدة وتنجح!
    – أحب تدويناتك، تخليني أفكر كثير *لمدة أسبوع مثلًا هههه*

    أخيرًا، شوفي باتمان ❤

    • بيان علي 13 جوان 2016 / 8:56 مساءً

      اهلًا اهلًا ♥
      ههههههههه واو! أشعر بالاطراء
      – صح عشان كذا استخدمته في العنوان “كعامل جذب مخادع” لكني آثرت استخدام شخصية لئيمة أكثر خلال التدوينة
      – فكرتك صحيحة إلى حد ما وهي كذا تندرج تحت “الشخصية” والصفات اللي يملكها “الأشرار” ههههه

      أحب وجودك وتعليقاتك، لأنها دائمًا تضيف شي للتدوينة ♥♥

      ههههههه ان شاء الله قريب لأني حاولت كثير وكثير لكني لسبب ما أتوقف.

  5. Fofz 26 أوت 2018 / 4:17 صباحًا

    حبيت التدوينة، دائمًا الاشرار ينحبون بالافلام والمسلسلات لان وراهم حزن دفين 😂💔💔 احسهم مساكين والله محد يحبهم بالقصة ونتكفل احنا بحبهم 🤭😂😂

اترك رداً على بيان علي إلغاء الرد